٠٣-٠٨-٢٠٢٥
هل تتحوّل «المسيّرات» إلى أداة لمواجهة الميليشيات بطرابلس؟
أثار قصف طائرات «مسيّرة» هدفين بمدينتي الزاوية وصبراتة في ليبيا، تساؤلات وتقديرات متباينة حول ما إذا كانت هذه الطائرات رهان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، على حسم صراعه المقبل مع ميليشيات مناوئة له في غرب البلاد.
ورغم أن حكومة الدبيبة لزمت الصمت حيال هذا القصف الذي قوبل بإدانات حقوقية، فإن مصدراً عسكرياً ليبياً أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات الحكومية استخدمت طائرة مسيرة في استهداف الزاوية، ضد ما تقول إنها أوكار لمهربي البشر إلى أوروبا».
وشكك المصدر العسكري في «الهدف المعلن لهذا القصف؛ خصوصاً أنه استهدف منزلاً لأحد المدنيين، وفق المتداول في تسجيل مصور».
عناصر مسلحة في العاصمة طرابلس (رويترز)
ويلحظ وزير الدفاع الليبي الأسبق اللواء محمد البرغثي «رسائل تخويف مبطنة» من جانب الدبيبة وحكومته واكبت ضربات استهدفت الزاوية وصبراتة.
وأشار البرغثي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «القوة الضاربة للمسيرات توجد في قاعدة الوطية التي تخضع لسيطرة الأتراك»، مستنتجاً أن «دخولها كسلاح حاسم في أية معركة مقبلة في طرابلس سيكون رهناً لاتفاق بين الدبيبة وتركيا».
ومن منظور الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، فإن «حجة مكافحة أوكار الهجرة غير النظامية مكّنت الدبيبة من استخدام الطائرات المُسيّرة مجدداً، ضد خصومه السياسيين، خصوصاً حليفه السابق محمد بحرون (الفار)، وقبيلة أولاد أبو حميرة في الزاوية».
وبدا أن قصف مدن في غرب ليبيا بالمسيّرات، وفق تقدير محللين هو «رسالة رمزية بأنها ستكون سلاح الدبيبة في أي معركة مقبلة مع خصومة بالعاصمة وفي المقدمة جهاز الردع».
في الوقت نفسه، وحسب رؤية حرشاوي فإن «الدبيبة يُسوق لنفسه على أنه رئيس وزراء قوي وقادر على مساعدة إيطاليا (التي زارها مؤخراً) في الحد من تدفقات المهاجرين».
من مخلفات مواجهات دامية بين تشكيلات مسلحة في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
وتدافع حكومة «الوحدة» عن نفسها في مواجهة مثل هذه الاتهامات، بالتأكيد على أن عملياتها العسكرية هي «ضربات جوية دقيقة تستهدف تمركزات عناصر متورطة في تهريب البشر والاتجار بالمخدرات».
ويتعزز الاعتقاد لدى متابعين باحتمال توظيف «المسيّرات» في معركة محتملة بالعاصمة، في ضوء أن قوات الدبيبة سبق أن شنت ضربات جوية في مايو (أيار) 2023 ضد ما قالت إنها «مقار لمهربي البشر والمخدرات والنفط» في الزاوية، ومناطق أخرى بغرب ليبيا.
وقتها اتهم رئيس «المجلس الأعلى للدولة» السابق خالد المشري، رئيس الحكومة باستغلال سلاح «المسيّرات» «لتصفية حسابات سياسية ضد أطراف مختلفة معه بحجة نبيلة مثل مكافحة الجريمة» حسب قوله.
ورغم أن مدير «المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية»، شريف بوفردة لا يستبعد أن تكون الطائرات المسيّرة «جزءاً من أسلحة معركة مرتقبة لا ينقطع الحديث عنها في طرابلس»، لكنه يقول: «لن تكون المسيّرات هي كل المعركة».
جانب من مخلفات اشتباكات سابقة في طرابلس (إ.ب.أ)
ويضيف مدير «المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية»، لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش النظامي يستخدم المسيّرات في ظل قواعد الانتشار والاشتباك بالمعدات والأفراد، ويمكن وقتها أن تكون سلاحاً جوياً فاعلاً يشل أهدافاً معينة لدى الخصوم».
لكن بوفردة يشير إلى أن «مسرح العمليات مختلف في غرب ليبيا»، قائلاً إن «المسيّرة تدخل هنا المعركة وسط مجموعات مسلحة وميليشيات وعصابات منتشرة بين الأحياء السكانية، بل في بعض الأحيان التشكيل هو من أفراد الحي أو المنطقة».
وانتهى الباحث الليبي إلى القول إن «الوجود على الأرض في شكل قوات مقاتلة ميدانية، هو العامل الحاسم والقوي لمثل هذه الاشتباكات».
ويتزامن الحديث الواسع عن «المسيّرات» في مسرح الاشتباكات بغرب ليبيا مع «هدنة هشة» تديرها ترتيبات أمنية في العاصمة طرابلس، جاءت بعد اشتباكات دامية في مايو الماضي.
ميليشيات مسلحة في طرابلس (متداولة)
ولا تتوفر أرقام أو إحصاءات دقيقة بشأن مخزون القوات التابعة لحكومة طرابلس من الطائرات المسيّرة، علماً بأن هذا السلاح سجل حضوره الأول إبان حرب العاصمة طرابلس (2019 - 2020).
وقتذاك دعمت تركيا قوات «حكومة الوفاق» السابقة بـ20 مسيرة قتالية من طراز «بيرقدار تي بي 2»، ولعبت دوراً حاسماً في صد قوات «الجيش الوطني الليبي»..